حور القاسمي  في حديث مع طارق عطوي

حور القاسمي (ح.ق):  قبل سنوات، حصلت على إقامة الفنية في الشارقة غيّرت مسارك الإبداعي، وبدأتَ رحلة تعاون ليس فقط مع مؤسسة الشارقة للفنون، ولكن مع مجتمع الشارقة، وقد مضى الآن عقد من الزمن على هذه التعاون.

طارق عطوي (ط.ع): دُعيت للمرة الأولى إلى الشارقة في يناير 2008 للمشاركة في "لقاء مارس". حينها كنت قد بدأت بمشروع تعليمي جوّال بعنوان "علب فارغة" أقمته في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وضواحي القاهرة. تضمّن المشروع برامج تعليمية طوّرتُها بشكل خاص لمساعدة الأطفال في لِعب الصوت والفيديو من خلال "بلاي ستيشن"، ومقابض التحكم "جويستيك"، وأجهزة التحكم "وي ريموت". 

شاركت في الدورة الأولى من لقاء مارس، وكان المشاركة محدودة وقتها، وقدمت عرضاً أدائياً منفرداً وجيزاً كجزء من برنامج الجلسات النقاشية والعروض التقديمية. لقد كانت لحظة فارقة بالنسبة لي، لأنها ساعدتني على إعادة الارتباط مع العالم العربي. كنت قد أنهيت دراستي في عام 2004، وعدت إلى لبنان، حيث عملت على مشروع  "علب فارغة" في 2005-2006 ، ثم في العام التالي في مصر. ومع ذلك، فإن ارتباطي بالخليج العربي والمنطقة عموماً جاء من خلال "لقاء مارس" وتلك الدعوة.

 

ح.ق: كان "لقاء مارس" في دورته الأولى أشبه ما يكون بحلقة نقاشية أكثر منه مؤتمراً، فقد حضره فقط حوالي عشرين مدعواً، ركزوا على القضايا التي تواجه المؤسسات الإقليمية والممارسين الفنيين. كانت مساهمتك في الحدث، كما ذكرت، عبارة عن عرض أدائي لقي استحساناً كبيراً من الموجودين. بالنظر أيضاً إلى اهتمامك بالتعليم وتوعية المجتمعات، فقد كان من المهم أيضاً بالنسبة لنا مواصلة التعاون معك من خلال برنامج  الإقامة الذي نتج عنه تكليف جديد لـ"بينالي الشارقة9".

 

ط.ع: في الواقع، شكّل ذلك خطوتي الأولى في عالم الفن. قبل ذلك، كنت أعمل بشكل أساسي مع الموسيقيين واستوديوهات الموسيقى ومراكز البحوث الصوتية. لست موسيقياً متمرساً، ولم أكن ماهراً بشكل خاص أو مهتماً بكتابة النوتات الموسيقية، ولا التأليف لفيلم أو رقص أو مسرح. كنت مفتوناً أكثر بالنهج المفاهيمي للصوت، في أكثر تمظهراته بدائية وعمقاً. وبالتالي، فإن دعوتي إلى الشارقة والدخول في حقل الفن شكّل بالنسبة لي انعتاقاً كبيراً. لقد أتاح ليإمكانية الابتعاد عن قيود ما يعنيه أن تكون موسيقياً هذه الأيام، لا سيما في الموسيقى الجديدة، حيث تعتمد حياة الموسيقيين كثيراً على التنقل، وإصدار الألبومات، والاعتماد على المهرجانات.

 

لم أحظَ في عالم الموسيقى، بفرصة الحصول على برنامج إقامة يمكنني فيه المكوث في مكان ما لفترة طويلة، والتفاعل مع السكان المحليين، وفهم حقيقة ذلك المكان، وتقديم عروض خارج قاعة الحفلات الموسيقية، وإيصال ما أقوم به إلى عوالم أخرى.  جاءت هذه الفرصة من خلال مؤسسة الشارقة للفنون، حيث أمضيت، بعد لقاء مارس، حوالي خمسة أشهر في تطوير أول سلسلة بعنوان "صمم: استراتيجيات مواجهة الضجيج"، قدّمته في "بينالي الشارقة 9 " كأداء منفرد على عدة فصول، أحدها أقيم خارج بيت السركال.

 

ح.ق: لقد ذكرت أن إقامتك في الشارقة كان لها تأثير كبير على تطوير "صمم: استراتيجيات مواجهة الضجيج". خلال أشهر إقامتك، تفاعلت مع مجموعة كبيرة من الناس في الشارقة، وبدأت تفهم حقيقة هذه المدينة. في الوقت نفسه، طوّرت أيضاً برنامجاً تعليمياً ارتبط بمجتمع الشارقة. هل لك أن تضيء أكثر على هذه التجربة؟

 

ط.عطيلة فترة إقامتي في الشارقة، أقمت وأنجزت الكثير من أعمالي في الفندق، ما شكل تجربة فريدة لي. مع مرور الوقت، تسنت لي فرصة التفاعل مع موظفي الفندق عامة، وموظفي الاستقبال على وجه الخصوص. ساعدني هذا على فهم المزيد عن واقع الشارقة. بالنسبة إلى"صمم: استراتيجيات مواجهة الضجيج"، أعددنا طاولة ضخمة تحتوي على إلكترونيات وأدوات صممتها خارج بيت السركال، وأنشأنا نوعاً من عروض الأداء غير المتوقعة جذبت السكان في الحي بأكمله. للحقيقة، حدث كل ذلك بالصدفة، فقد كانت معظم عروضي في البينالي في أفنية البيوت، ولكن هذه المرة، بسبب مشكلة فنية، تم استخدام فناء بيت السركال لحدث آخر،  وتمثل حل هذه المشكلة بإقامة عرض الأداء خارج المبنى، وتحديداً  في ساحة الفنون، فكانت تلك نقطة تحول مفصلية. فقد امتزج الدولي مع المحلي مع تواجد جمهور البينالي والسكان الذين كانوا يشغلون ساحة الفنون يومياً أمام المتحف. شعر الجميع بالفضول، من الصغار إلى الكبار، بشأن هذا الأداء الذي انبثق فجأة. تركت هذه التجربة علينا جميعاً انطباعاً قوياً عن كيفية وصول الصوت إلى مجموعات متنوعة من البشر وكيف يمكن للأداء أن يدخل إلى النطاق العام، ويتحد مع الناس أو يجمعهم بطريقة مختلفة تماماً عن طرق التواصل المعتادة مع الجمهور.

 

أثناءإقامتي، صممت برنامجاً تعليمياً يمكن أن يصل إلى جميع شرائح المجتمع في الشارقة، من التقنيين في المؤسسة، الذين تم تطوير برنامج متخصص في تقنيات الصوت والفيديو والكمبيوتر لهم، إلى المراكز الثقافية المحلية التي تقدم ورش عمل للشباب و الصغار. من خلال مؤسسة الشارقة للفنون، تمكنت أيضاً من العمل مع الجامعات، حيث قدمت جلسات نقاشية، ومحاضرات ودورات مطوّلة. قابلت عدداً  كبيراً من المعلمين والطلاب، بعضهم عمل لاحقاً في مؤسسة الشارقة للفنون.

 

ح.قفي ذلك العام، عام 2009، تم إنشاء مؤسسة الشارقة للفنون كمباردة دائمة  ترتكز في عملهاعلى هيكلية بينالي الشارقة. شعرنا بالحاجة إلى الارتباط بشكل أكثر انتظاماً مع المجتمع المحلي، وأصبح هذا الأمر أحد المبادرات الأساسية للمؤسسة. كما تعلم، فإن مشاركتك في "بينالي الشارقة 9" ودورك اللاحق في المؤسسة كانا أساسيين في تطوير برامج الصوت والأداء والتعليم. هل يمكنك التحدث قليلاً عن هذه الفترة من تطوير ممارستك الخاصة؟

 

ط.ع: أصبحت الشارقة مرساتي. وبعد البينالي، تم تمديد إقامتي، ومكثت في شقة الإقامة في بيت عبيد الشامسي التراثي بينما كنت أقدّم أيضاً مشاريع على المستوى الدولي. كانت حياتي مرتبطة مع حقيبة واحدة فقط تحتوي على أجهزتي وبعض الثياب! وعلى مدار ثماني سنوات متتالية، كنت أسافر على هذا النحو، وأعود دائماً إلى الشارقة، وقد أمست مسكني ومنصة لتطوّر أعمالي.

 

ح.ق: في عام 2010، بدأت أيضاً مشروع "قطع ومقطوعات"، وهو سلسلة من ورش العمل تعاونت فيها مع فنانين مختلفين اكتشفوا تقنيات جديدة وطبقوها على الصوت والأداء والأعمال التركيبية. عزز هذا المشروع الرائع من روابط الفنانين بمجتمع الشارقة، وأسفر عن تعاون لاحق بين المؤسسة والفنانين المشاركين فيه. تمت دعوة أحد هؤلاء الفنانين، باسل عباس، للمشاركة في "بينالي الشارقة 12"  (2015)، وجرى تكليفه بإنتاج فيديو تركيبي مع روان أبو رحمة مستوحى من مقطع صوتي تجريبي. حصل مشروعهم حينها على إحدى جوائز البينالي.

في أوائل عام 2011، أصبحت أحد المنسقين التقنيين لـ"بينالي الشارقة 10"، والذي تضمن العديد من الأعمال والتركيبات التي استخدمت الصوت والوسائط الأخرى مثل الأفلام والفيديو. وفي العام نفسه، عدت إلى الشارقة وقمت بتطوير عمل مهم مستوحى من موسيقى الطرب. تم عرض هذا العمل، الذي أنتجته مؤسسة الشارقة للفنون، في وقت لاحق على المستوى الدولي، وكذلك في الشارقة.

ط.ع: نعم، أصبح هذا إنتاجاً واسع النطاق بعنوان "زيارة إلى الطرب"، والذي تم تقديمه للمرة الأولى عام 2011 في نيويورك. كان العرض الثاني في الشارقة في ساحة الخط عام 2012، بعنوان "عودة إلى الطرب"، والعرض الثالث كان في عام 2012 في غاليري سربنتين في لندن، حيث تم تقديمه على أنه "لا سويت". دعمت مؤسسة الشارقة للفنون البحث الخاص بالمشروع، وسهلت جميع عروضه، ومن دون هذا الدعم، كان يستحيل أن ننجز مثل هذا المشروع الطموح. كانت هذه أيضاً مرحلة مهمة جداً في تطوير ممارستي.

 

ح.ق: بعد هذا المشروع، أتذكر إرسال دعوة لك مع مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بخصوص إقامة مشروع مع مدرسة الأمل للصم عنوانه "تحت 160". أثر هذا المشروع في النهاية على عملك "من الداخل".

 

ط.ع: في عام 2012، عندما خطرت لي فكرة العمل مع الصوت ومجتمع الصم، طلبت من مؤسسة الشارقة للفنون أن توصلني مجدداً مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومدرسة الأمل للصم بشكل أساسي. بدأ "من الداخل" في ذلك العام كمشروع تجريبي بالتعاون مع طلاب من المدرسة، كانوا يأتون إلى بيت عبيد الشامسي للمشاركة. قدمنا عروض أداء وأقمنا  ورش عمل في الخارج، وتطورت فيما بعد في برنامج الصوت والأداء لـ"بينالي الشارقة 11"، الذي قيّمته يوكو هاسيكاوا.

 

ح.ق: يوكو وأنا دعوناك إلى إنشاء برنامج الصوت والأداء لـ"بينالي الشارقة 11" في عام 2013، واقترحت العمل مع مدرسة الأمل للصم كنقطة انطلاق ودفع التعاون إلى الأمام. كان الهدف من البرنامج، الذي اعتمد العلاقة بين الصوت والصمم كأساس له، تحدي أنماط الاستماع الراسخة والمساعدة في تطوير نهج بديل للتفكير في الصوت. في ذلك الوقت، كنا مهتمين جداً في خوض هذا الاتجاه الجديد، والنظر في إمكانات عملك للتفاعل مع الجمهور من خلال العروض الصوتية في الأماكن العامة في الهواء الطلق.

 

ط.ع: نعم ، لقد تحقق هذا المشروع الجديد على أرض الواقع تحت اسم "من الداخل"،  وأصبح جزءاً من "بينالي الشارقة 11" في 2013. أعطتني الشارقة فرصة العمل عليه مع ساندرا تيرجمان وغريغوري كاستيرا (المعروفان أيضاً باسم كاونسل)، وكان "من الداخل" مكوناً من فصول مختلفة. شارك في الفصل الأول 10 عازفي طبول من جميع أنحاء العالم - يعمل كل منهم بأسلوب مختلف، من موسيقى الجاز إلى الضجيج إلى موسيقى الهيفي ميتال - جاؤوا إلى الشارقة لتقديم عروض فردية ومع فرق موسيقية، وأحياناً مع عازفي الطبول المحليين. لقد عزفوا جميعاً على مدار ثلاثة أيام على أسطح المنازل، وفي الدوارات، ومواقف السيارات، والساحات في جميع أرجاء المدينة.

 

ح.ق: لقد كان مشروعاً مهماً للغاية، لأن الفعاليات جرت في أماكن عامة وسط الشارقة أثناء افتتاح البينالي، وبعد ذلك في أفنية البيوت التراثية. كما ذهبت إلى مدينة خورفكان، وأقمت ورش عمل في الجامعة هناك. كانت المؤسسة تستكشف بنشاط سبل الخروج من وسط المدينة، ونقل عملنا إلى أجزاء أخرى من الإمارة، واكتشاف المزيد عن المباني والمرافق، والتواصل مع سكّان تلك المجتمعات. تم تنفيذ المشروع أيضاً أثناء بداية جهودنا لاقتناء المباني وحفظها وترميمها وإعادة توظيفها في جميع أنحاء الإمارة، مثل مصنع الثلج في كلباء، وروضة كلباء وسينما خورفكان القديمة. تم استخدام هذه المباني وغيرها من المباني المهجورة كمواقع لبينالي الشارقة منذ ذلك الوقت.

 

ط.ع: بحلول عام 2013، اكتسبتُ الكثير من الخبرة الناشئة عن  مشروع "من الداخل" هنا في الشارقة، والذي انطلق حقاً ليتم تطويره وعرضه لاحقاً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك متحف بيركلي للفنون، كاليفورنيا (2015)؛ وإيمباك  (مركز الإعلام التجريبي والفنون الأدائية)، نيويورك (2015)؛ زكم، ألمانيا (2016)؛ وجمعية بيرغن، النرويج (2016). كان هناك مسار جديد بالكامل له.

لقد غذّى تطوير هذا المشروع عملي وتفكيري طوال السنوات السبع الماضية. فالتعاون الطويل مع مؤسسة الشارقة للفنون لم يعرّفني فقط على عالم الفن، ولا أطلق عملي كفنان يتعامل مع الصوت فقط، بل سمح لي بتطوير عملي والتفكير في التعليم والتلقي، وأفضى بصدق، إلى تنميتي على الصعيد الإنساني. لقد كان حقا نقطة مفصلية واستثنائية.

 

ح.ق: منذ عام 2017، نتبادل أنا وأنت الحديث عن طرق للمضي قدماً في تاريخ هذا التعاون. الآن، تعود إلى الشارقة، بعد سبع سنوات من  مشروع"من الداخل"، و11 عاماً على الأداء الأول خارج بيت السركال. يمكن النظر إلى هذا المعرض الحالي على أنه تكثيف لكل هذه المعرفة والخبرة المتراكمة.

 

ط.ع: نعم. يتشابك معرض "أدوار/11"  مع كل هذه الخطوط. برنامج الإقامة وفكرة إطلاق المشروع دولياً هما من الأشياء التي كنت مهتماً بهما كثيراً، ويرجع ذلك أساساً إلى موقع الشارقة المتميز كجسر تواصل بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا. إضافة لعوامل متعلقة  بالاستقرار، ورؤية الشارقة طويلة الأمد في العالم العربي. فهي واحدة من الأمكنة النادرة في العالم العربي التي تخطط لمشاريع مستقبلية طويلة الأمد، وتقدّم للفنانين العاملين في الفن المعاصر والموسيقى الجديدة إمكانية التجربة والعمل خارج السياق المحلي.

 

ح.ق: بالنسبة لبرنامج الإقامة في "أدوار/11"، ناقشنا دعوة الموسيقيين وفناني الصوت إلى الشارقة، وتقديم منظور مختلف عن إمكانيات الموسيقى الجديدة والتعاون الموسيقي. كانت مستويات المتقدمين الذين استقبلناهم عالية جداً، لدرجة أننا قررنا تمديد البرنامج إلى عامين، مما يعني أنه يتجاوز إطار المعرض ويوسع نطاقه وعمقه.

 

ط.ع: في الواقع، ما أريده من هذه الإقامات هو أن يبتعد المشاركون عن تقديم ما درجوا على تقديمه. فما يمكن استخلاصه من دعوة الفنانين إلى الإقامة بما فيهم المؤدون، ماثل في اختبار ما هو جديد، في تأكيد على مواصلة البنية الأساسية التي قام عليها المشروع. وبعد محادثاتنا، فكرنا في توسيع هذا البرنامج لجعله عن المنطقة وإمكاناتها ومواردها البشرية. وبناء على هذه الديناميكية، يتبدّى  المعرض متخطياً نقطة نهاية أو ختام دورة مدتها 11 عاماً، ليصبح، على العكس تماماً،  في محور آخر للتجارب والاختبارات التي تتيح معرفة كيف يمكن لهذا البرنامج الذي يستغرق عامين أن يتطور، وكيف يمكننا المضي به إلى أبعد من ذلك. هذه هي المحادثات التي أجريناها. هذه هي الشارقة بالنسبة لي.

 

ح.ق: سيجمع البرنامج بين الفنانين المقيمين ومستشاري الإقامة الذين قمتَ بدعوتهم للاضطلاع بدور أساسي في المعرض. كيف تتصور نقطة انطلاق الإقامة؟ ما هي خططك لتنظيم وقت الفنانين المقيمين وتجربة الشارقة؟

 

ط.ع: ما كنا نفكر فيه هو أن التجربة يمكن أن تبدأ بمجرد تواجد الفنانين في المعرض والاستماع إليهم. بيت السركال التراثي بأكمله، حيث يقام المعرض، هو مساحة استماع.. ومساحة استماع متطورة للغاية. يمكنك قضاء ساعات فيه، والأصوات تتغير طيلة الوقت.

 

بعد ذلك ستكون هناك جولة إرشادية معمّقة مع مستشاري الإقامة بهدف عرض إمكانات الإقامة - ما يمكنك عزفه، وما لا يمكنك عزفه، وما يمكنك لمسه، وما لا يمكنك لمسه، وكيف تعمل الأشياء. تعد فكرة إقامة جولات للفنانين المقيمين في جميع أرجاء الشارقة أمراً ضرورياً، لأنهم عندما يأتون للإقامة هنا، خاصة في سياق مثل هذا، قد يبقون هنا طوال الوقت ولا يخرجون، ولا يرون شيئاً. بينما أساس الفكرة تفاعلهم مع المكان.

 

ونخطط لنقلهم إلى الشوارع الصغيرة خلف الفندق الذي يقيمون فيه، حيث توجد جميع متاجر الإلكترونيات والمنسوجات، حتى يتمكنوا من رؤية المواد المحلية التي يعيش معها الناس يومياً. حتى محلات توريد معدات المطابخ والتوابل. من الضروري أن يشعر الفنانون المقيميون أنهم في مكان في هذا العالم له ديناميكية مختلفة، وارتباطات مغايرة عما اعتادوا عليه.

 

نقطة أخرى يجب تسليط الضوء عليها هنا وهي موقع الإمارة الشارقة المركزي وقربها من إيران والهند وبنغلاديش وباكستان ونيبال والفلبين. أريد أن يرى الفنانون المقيمون كل هذه الروابط القيمة، وليس فقط الاتصال بالغرب. هذه الروابط ليست سوى جزء بسيط من كل تعقيدات المكان. ما أهتم به أولاً هو الحياة اليومية التي تأخذك إلى مسار آخر. في الواقع، نفكر في كيفية تنظيم هذا الأمر  بشكل ميسّر قدر الإمكان.

 

ح.ق: إلى جانب التعرف على مدينة الشارقة، سوف يتفاعل الفنانون المقيمون مع مجتمع الشارقة. كيف سيغني هذا من تجربتهم؟

 

ط.ع: سيكون تفاعلهم جزءاً من الجلسات النقاشية، وامتداداً لما نتحدث عنه معهم. يهتم البعض بإقامة ورش عن كيفية قيامهم بعملهم - تقديم أساليب عملهم على شكل محادثات ومحاضرات - والبعض يهتم بالأداء الفردي والجماعي.

 

ح.ق: ترتبط الإقامة ارتباطاً وثيقاً بالتواصل الخارجي المستمر للمؤسسة والعمل خارج مواقعنا وسط مدينة الشارقة ومع مشاركاتنا في مواقع أخرى في جميع أنحاء الإمارة. فكرتك في الذهاب إلى كلباء مع الفنانين المقيمين تعكس التجربة التي مررت بها في خورفكان في عام 2013، وتضيف لها عمراً آخر.  كيف تخطط للتواصل مع المجتمع هناك؟

 

ط.ع: هذا تحدٍ حقيقي. ومع ذلك، فإن أفضل طريقة للتعامل هي عدم وضع أي توقعات وإبقاء الأمور مفتوحة قدر الإمكان. يجب أن نأخذ زمام المبادرة أولاً من الفنانين المقيمين والأشخاص الذين سينشّطون الساحة. الهدف الأول من ذلك هو أن نوفر لهم روضة كلباء السابقة كمكان واسع لتجربة الصوت. أرى كلباء كمحور يمكننا تنشيطه على مراحل متعددة طوال فترة هذا المعرض، وحتى بعد ذلك. الفكرة هي استخدامها كعمارة صوتية ذات استخدامات متعددة. مع مرور الوقت، سوف تتراكم التجارب وتوفر إمكانية للأشخاص الذين يعيشون في قلب الشارقة للذهاب خارج الشارقة والعمل معنا.

تعد المحميات الطبيعية وأشجار المنغروف القريبة من كلباء مصدر إلهام حقيقي أيضاً. أشجع الفنانين المقيمين على الذهاب إليها وتمضية وقت جيد فيها.