غافن يانتس، بدون عنوان، 1989. من "زولو"، حوالي 1984-1990. مقتنيات مجلس الفنون، لندن. الصورة مقدمة بإذن من الفنان ومجلس الفنون

يتتبع المعرض عبر أكثر من 100 عمل فني تنوع مسيرة يانتس ونزوعه الإبداعي نحو التغيير، ويحتفي بأدواره المتعددة كرسام وطبّاع، وكاتب وقيّم وناشط سياسي، مسلطاً الضوء عبر عدة فصول تمتد من عام 1970 إلى الوقت الحاضر، على مراحل جوهرية في حياة الفنان، تتبدّى فيها نضالاته المناهضة للتمييز العنصري منذ السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات، والأدوار التي لعبها في تغيير المؤسسات الفنية في المملكة المتحدة وألمانيا والنرويج، وتصاويره التشخيصية الرمزية لنضالات السود في سبيل الحرية حول العالم، وصولاً إلى انتقاله مؤخراً إلى اللوحات التجريدية وغير التشخيصية.

مدفوعاً بسنوات تكوينه في كيب تاون إبان عصر الفصل العنصري في جنوب إفريقيا (1948-1994)، سعى يانتس بشكل متواصل نحو الانعتاق الفني، وحرية لا تقيدها النظرة الأوروبية أو توقعاتها تجاه الإبداع الأسود، من خلال خوضه في مسارات إبداعية متعددة شملت إلى جانب فنه، المبادرات التقييمية والمساهمات المكتوبة، التي تركت أثراً كبيراً على الفن الإفريقي وفن الشتات الإفريقي والفن العالمي المعاصر.

وقال صلاح محمد حسن قيّم المعرض، ومدير معهد إفريقيا: «ترسم الممارسة الفنية الفذة لغافن يانتس ونشاطه النضالي، خطوط وحلقات الوصل بين حركات التحرر في إفريقيا وجميع أنحاء العالم، إذ يسلط المعرض الضوء على عقود من العمل الفني في سبيل حماية حرية التعبير وحفظ التاريخ المهدد بالمحو من جهة، وتبيان آثار الاستعمار من جهة أخرى».
وأضاف: «يقدم المعرض أيضاً أعمالاً جديدة أنتجها الفنان خلال إقامته في الشارقة مؤخراً، يواصل من خلالها استكشافه للفن واللوحة غير التشخيصية».

تعتبر «سلسلة الشارقة» (2022) من بين أكبر لوحاته حجماً، والتي أنتجها خلال إقامته في الشارقة بتكليف من مؤسسة الشارقة للفنون، حيث يستخدم فيها طبقات رقيقة من اللون فوق بعضها البعض، جامعاً بين العلامات والخطوط والألوان، ليبدع عالماً أثيرياً يضم إشارات قليلة ترشد المشاهد وتدفعه لمواجهة عدد كبير من الأسئلة حول المشاعر والفضاء التصويري، كما أنه يتجنب الأشكال والسرديات التقليدية ويتبنى أسلوباً لا تحكمه القواعد المألوفة، بما يحرره من ورطة السعي لتأويل أعماله.
وهكذا يصبح الانخراط في تنفيذ هذه الأعمال بمثابة تجربة شخصية متفردة وعميقة، بحيث يكون التفاعل موجهاً بشكل مستقل ومدفوعا بالزخم العاطفي للفنان والتأمل الذاتي والاستقلال في اختيار الموضوعات.

عن الفنان
ولد غافن يانتس في مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا بالتزامن مع صعود نظام الفصل العنصري فيها، واشتهر خلال مسيرته الفنية بصفته ناشطاً سياسياً وكاتباً، ورساماً، وفناناً يشتغل بالطباعة على الشاشة الحريرية، وقيّم معارض فنية. بالاعتماد على تجربته الشخصية، ظل يسعى لاستكشاف دور الفن في تعزيز حقوق الإنسان وحرية التعبير والتفاهم الثقافي. عُرضت أعماله الفنية على مستوى العالم، وتتواجد ضمن مقتنيات الصالة الوطنية في جنوب إفريقيا، ومتحف تيت موديرن في لندن، ومتحف الفن الحديث في نيويورك. كُلِّفَ يانتس بتنفيذ مجموعة من الأعمال الفنية من قبل مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومفوضية الأمم المتحدة لمناهضة التفرقة العنصرية. كما عمل محاضراً في كلية تشلسي للفنون في لندن، ومديراً فنياً لمركز هيني أونستاد للفنون في النرويج (1998- 2004)، وكبير القيّمين في المتحف الوطني، أوسلو (2004 – 2012). نُشرت له عدة كتب منها «التنافر المثمر»، وكتاب من أربعة أجزاء بعنوان «القرن البصري: فن جنوب إفريقيا 1907 – 2007». يقيم يانتس ويعمل حالياً في أوكسفوردشير، المملكة المتحدة.

عن قيّم المعرض
يشغل صلاح محمد حسن منصب مدير معهد إفريقيا في الشارقة، وأستاذ تاريخ الفن والدراسات البصرية في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة الأمريكية. كما يعرف حسن بكونه مؤرخاً وناقداً وقيّماً فنياً، ومحرراً مؤسساً لمجلة «إنكا: للفن الإفريقي المعاصر» التي تصدر عن جامعة ديوك.

حول مؤسسة الشارقة للفنون

تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل «بينالي الشارقة» و«لقاء مارس»، وبرنامج «الفنان المقيم»، و«البرنامج التعليمي»، و«برنامج الإنتاج» والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.