يعود برنامج "عروض الشارقة" بموسمه الرابع متضمناً العديد من العروض الفريدة والإنتاجات المميزة التي تسلّط الضوء على تنوع العروض الأدائية المعاصرة وثرائها، وذلك عبر أعمال نخبة من الفنانين المحليين والدوليين. يستمر البرنامج على مدار شهرين، ويتضمن عروضاً جديدة وأخرى مُعادة، والتي يؤديها الفنانون مباشرة أمام الجمهور في الأماكن العامة والمراكز المجتمعية في مدينتي الشارقة وخورفكان. تتجسد روح البرنامج بفعالية "موسيقى على البارج"، والتي تعيد رسم معالم بحيرة خالد والمنطقة المحيطة بها على امتداد ثلاث ليالٍ موسيقية على مسرح عائم مصمم لهذا الغرض.
كما يتضمن هذا الموسم من برنامج "عروض الشارقة" عرضين مميزين شاركت المؤسسة في إنتاجهما، الأول عرض راقص بعنوان "رباعي العروسة" للفنانين سلمى وسفيان ويسي، مستوحى من حركات صانعات الفخار أثناء صنع الدمى الطينية التقليدية، أو العروسة بلهجة مدينة سجنان التونسية، ويحتفي العرض بالحِرفة والمرونة والإبداع في فناء مدرسة القاسمية، مسلّطاً الضوء على فكرة انتقال المعرفة الثقافية عبر الأجيال. أما العمل الثاني فهو عرض راقص أيضاً بعنوان "ماجك/الصحراء" للفنان رضوان مرزيكا، يستلهم الحكمة الدفينة في تضاريس الطبيعة، حيث تمترج الحركة مع النصوص والأصوات، في تجربة فنية تبرز الصحراء بوصفها معلماً يجب تبجيله، لا مجرّد موردٍ يمكن استغلاله.
ويعود الفنان أحمد العطار مرة أخرى إلى برنامج "عروض الشارقة" بعد مشاركته بدورته الأولى عام 2022، ليقدّم لنا نسخته المترجمة من مسرحية "كل حاجة حلوة" المكونة من فصل واحد للمؤلف الإنجليزي دنكان ماكميلان، والتي قام بترجمتها وإخراجها. تشارك في العرض الأدائي التفاعلي الفنانة ناندا محمد بدور البطولة، لتقدم سرداً مدهشاً ومبهجاً لتجربة العيش مع الاكتئاب، داعية الجمهور في الشارقة وخورفكان للمشاركة في العرض، بُغية طمس الخط الفاصل بين الممثل والمتفرج في تجربة حية وجماعية.
وفي اقتباس أدبي آخر، يتناول مهند كريم رواية "جرّ محراثك فوق عظام الموتى" (2009) للروائية أولغا توكارتشوك، والتي تتصدّى فيها بنبرة راسخة للقسوة ضد الحيوانات وتستعرض ثيمات العنف والنزوح اللتين تغزوان العالم في الوقت الحاضر. أما ابيانا غارين و لويس غوينيل، فيتناولان في عرضهما "مينغا المنزل المتداعي" التقليد السائد في باتاغونيا والمتمثل في نقل المنازل من مكان إلى آخر، ويحيك من خلاله ثلاث قصص تتأمل معنى الانتماء إلى المكان والفضاءات التي نعيش فيها.
كما تشارك ناندا محمد كمخرجة وممثلة في مسرحية "بندور عالحب"، في ثنائية غنائية مع عازف الكمان محمد سامي، والتي تجمع بين الموسيقى والشعر للتركيز على زوجين يجدان نفسيهما في مرحلة فاصلة من علاقتهما. وفي ثنائية أخرى، يستخدم كلير وأنطوني في عرضهما "تذكارات" الموسيقى والرقص والظلال لتسليط الضوء على المساحات المفتوحة في الشارقة، حيث يستخدمان الدعابة واللطف لاستعراض الأحلام والحسرة وقوة المخيلة التي لا تخبو.
يقام برنامج "عروض الشارقة" في أماكن مألوفة وأخرى غير متوقعة، متضمناً طيفاً متنوعاً من العروض المبتكرة والتجريبية والآسرة، التي تقام في مختلف أنحاء الإمارة، والتي تعزز شعور الانسجام والتواشج والأمل الذي يستمر لفترة طويلة بعد انتهاء البرنامج.